اختطاف الدولة 

أيها الاردنيون لا تختطفوا الدولة..... إن اختطاف الدولة يعني احلال الفوضى، وانتهاك القانون وتعطيله، وشيوع سلوكيات الاستقواء وسياسات الاســــترضاء. اختطاف الدولة يعني مصادرة وظائفها، وتقييد سلطاتها وابتزازها للحصول على الميزات والمنافع. في الاردن اختطفت الدولة ولا زالت تختطف، ولم يفت بعد الآوان لاستعادة الدولة وترميـــــــم الاختطاف واعادة الشعور بالعدالة والافتخار للشخصية الاردنية وللدولة الاردنية.

 

اما حلقات مختطفي الدولة فيمكن تلخيصها بالتالي:- 


الحلقة الاولى. وهي جماعات المصالح وجماعة الظل، وهذه مجموعة صغيرة استـــــغلت مواقعها المتقدمة والعليا، وقربها من صنع القرار، وقربها من جلالة الملك، فاستغلت الثقة الممنوحة لها تارة واختبئت خلف الملك تارة اخرى بالاضافة لاستغلالها للمكانة والسلطة والقوة التي امتلكتها بفعل مكانتها في النظام السياسي، او علاقتها معه. هذه الجماعات عملت على خلق مجموعة صغيرة متنفذه انتهكت القوانين وصادرت الحقوق وأثرت وكونت لها طبقة (سحيجة) رسمية وغير رسمية تدافع عنها وعن مصالحها مقابل بعض الميزات.


الحلقة الثانية. وهي جماعات بعضها منوع وبعــــــضها متجانس وبعضها مزيج من الاثنين من مثل اعتصامات الوزارات، والمتقاعدين العسكرين والــــمعلمين، وغيرهم. وهنا لا اتحدث عن المطالبات الشعبية أو المهنية بالحقوق المجتمعية أو المهنية ولو أني اختلف بتوقيتها وبطريقة المطالبة بها، وخاصة تلك المطالبات التي تحمل في ثناياها لغة التهديد والابتزاز. لا أحد ينكر الحاجة الماسة لدعم قطاع التعليم، ففي الوقت الذي تضع فيه بعض المدارس الخاصة رسوم قبول تتجاوز رواـــــتب بعض المعلمين (250 دينار واكثر)، ويتجاوز ما نهبه الذهـــــبي ال 75 مليون اتــــي تحتاجها وزارة التربية والتعليم، نعم لتنظيم مهنة التعليم وترخيصها أولا، نعم لتنظيم الوضع الداخلي للنقابة، ونعم لزيادة رواتب المعلمين، وهم في نظري أولى من المتقــاعدين العسكريين في الزيادة. ومع ذلك فانا لست مع اختطاف وزارة التربية والتعليم وتهديد وزيرها، ولا مع اختطــــاف سلطة الوزير (الدحيات) المعروف عنه بدعم حقوق المعلمين، والذي يقول أن لا مـــــصدر عنده لتغــطية الزيادة المطلوبة، لماذا يترك المعلم غرفة الصف ويضحي بمستقبل جيل من اجل فرق علاوة، ألا توجد طريقة اخـــرى تحفظ حق الطلبة وتحقق مطالب المعلمين؟ في هذه الحلقة من الاختطاف تم ركــوب الأسم واستغل الحشد والتجمع لتحقيق مطالب فردية وجمعية. انعكس ذلك في الشعارات والكتابات، فهذا مقال من متقاعد يحذر جلالة الملك من غضب العسكر، وتلك يافطات تتهم الـــــناس دون محاكمات، وهــــناك دعوات للتعدي على من يقوم بالتدريس. فحتى المــــــناصب الرســــمية دخلت سباق الاختطاف، ففلان يستقيل ويختلق أزمة من استقالته تجبر متخذ القرار على التراجع، لا بل "ويُطيب خاطر الشخص المستقيل أو المقال" بوعود بمناصب أخرى.


الحلقة الثالثة الجماعات العشائرية وليس العشائر، فالعشائرية اختطفت الدولة باختطافها للطريق، واختطافها للقرار، واختطافها للمناصب، فهذا اعتصام احتجاجا على ابقاء مدير زراعة في موقعه.العشائرية تختطف الدولة باسم العشيرة، وإذا أصبحت العشائرية أداة للحصول على السلطة والميزات، والهبات، والوظائف العليا بإسم العشيرة، العشائرية نوع من التحيز البشري المناطقي المنافي لوظيفة الدولة ووجودها.


فالمتتبع للمواقع الالكـــترونية وللمحطات المــحلية يــــشعر أننا لسنا في الاردن، والأمثلة كثيرة، "مجموعة من شباب .... يقطعون الطريق احتجـــــاجاً على....." ومجموعة شباب قبيلة.... يهددون بقطع طريق البحر الميت" وشباب عاطل عن العـــــمل في .... يقطع الطريق المؤدية للسعودية.....، وأحرار محافظة.... يهددون .....وطلبة جــــامعة ..... يمنعون رئيسهم من دخول الجامعة....وموظفوا جامعة ...... يغلقون أبواب الجامعة بالســلاسل الحديدية ويمنـــعون الطلبة من الدخول.... موظفوا زراعة منطقة..... يغلقون المديرية.... والشيخ.... يصرح..... وفلان يكتب مقالاً ينصح الملك، وما أكثر الناصحين هذه الايام....


المجتمع استقوى والدولة استرضت المخــتطفين ولن تستطيع الاستمرار في الاسترضاء لانها لا تملك المزيد من الكعكة التي تكفي الجميع. وهــــي بسياسة رد الفعل عمقت من الشعور بالظلم والاستقواء لدى الناس، وهل ستصبح الاستجابة الحكومية بناء على حالة التمرد الاجتماعي، حتى أصبح فصل عامل زراعي منقطع عن العمل بحاجة لإرادة ملكية.واصبح استرداد العدالة ممكن بالنزول للشارع وبالاستقواء على الدولة واختطافها. هل نزود المجموعات والجماعات بمــــكاتب ننصبها في الشوارع لاتخاذ القرارات التي ينبغى على جهاز الدولة اتخـــاذها. كيف يطالب بإصلاح ويتم الاعتصام لإطلاق سراح فاسدين ومجرمين، لا بل وصل الحال إلى إلصاق صفة البطولة على بعض الارهابيين، وكيف نقيم مهرجانات ولاء ونرسل رسائل تحذير وتهديد ونعـــــتصم لنفرض مطالب لهذه الفئة دون غيرها، لقد شاعت ثقافة الاسترضاء الحكومي على حـــساب كل المعايير الاخرى، وهذه السياسة والثقافة قادتا إلى الاستقواء والعصيان. إن تعــــزيز هذا الـــــواقع يهدد كل الانجازات الوطنية، ويحمي الفساد. فلا تختطفوا الدولة..

 

Image description

الاستاذ الدكتور ذياب البداينة

عدد المشاهدات لهذه المقالة 

Bookmark and Share