الأمن الانساني والحراك المجتمعي في الوطن العربي 

ايها الحفل الكريم :- 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- 


يسعدني في هذا الصباح الأردني الجنوبّي صباح مؤتة الجامعة والمـــكان والـــرمز أن أحيي باسمي وباسم أعضاء لجان المؤتمر هذه النخبة من أصحاب الفكر والعلم وحماة الأمن والحرية المدافعين عن الإنسان أينما وجد في حقّه في الأمن والحرية والكرامة. وأحيي الأخـــوة والأخـــوات العرب والضيوف الذين تداعوا من أقطار عربيّة وصديقة للالتقاء في جامعة مؤتة.


أيها الحفل الكريم:-


عندما يتحقق الأمن الإنساني يتــــــحرر الإنسان من قيود المجاعة والفقر والجهل والطغيان وشح الفرص والحرمان الاجتماعي. والــــحرية التزام اجتماعي وهي منتج الأمن الإنساني ومحصنه. لقد عانى مجتمعنا العربي من افتـقاد الحـــرية ومـــــن طغيان الدولة واستبدادها، ومن المجاعات ومن الحرمان من حق الرعاية الاجتماعية والصحية، والانــحياز عدم المساواة بين المرأة والرجل، الحرمان من الحريات والحقوق المدنية، وفقـــدان الأمن الاجتماعي والاقتصادي. الحرية والديمقراطية محصن أساسي للأمن الإنساني وكما يـــــذكر امارتايا سن فأن التاريخ العالمي لم يشهد مجاعة في ظل ديمقراطية حقيقية فاعلة.


أيها الحضور الكرام


إنّ هذا المؤتمر العتيد الذي تحتضنه الأردن ومـــؤتة، يأتي في الوقت الصعب الذي يشهد فيه الوطن العربي حراكاً مجتمعياً وربيعاً عربياً أنتجته الرغبة المجتمعية في التحرر من العوز والتحرر من الخوف. أن الربيع العربي منتج اجتماعي بامتياز، وهو حراك مجتمعي، وتغير اجتماعي يهدف لهندرة التراكيب والقيم المجتمعية بما يتواءم ومتطلبات العــــصر وحاجات الناس في الحرية والكرامة والعيش الكريم. والحاجة ماسة في هذا الربيع إلى تجاوز المخاض الاجتماعي والارتدادات العكسية، وتجاوز متلازمة ستكهولم العربية، وإرساء ثقافة احترام الرأي والرأي الآخر، بعيدا عن ثقـــافة الاختباء، وجلــــد الذات، والوصاية، وشيطنة الآخر والإرهاب المجتمعي والبلطجة الفردية والجمعية الرسمية وشبه الرسمية لكي يتمكن المجتمع من تشغيل نظمه بمحركات جديدة متكيفة مع النظم الكونية المجتمعية.


في هذا العصر لم يعد مقبولاً ولا مسموحاً عنف الدولة واســــتبدادها، ولقد عانى الوطن العربي من تعسف من قِبل بعض القوى الاجتماعية والسياسية، وسيــطرت قوى الفساد وقوى الشد العكسي والقوى المستفيدة من بقاء الوضع الراــهن. وتهيب بعـــض أنظمة الــــحكم من إحــــداث إصلاح في مؤسساتها أو إشراك المعارضة السياسيّة في الحكم.


أيها الحفل الكريم


أننا نؤمن أننا نعيش في فضاءات مفتوحة، من حيث الاتصال والتواصل، فيها نهاية الانغلاق والاستبداد والحكم المطلق، وفيها شيوع الشفافية وحق المواطن في الكرامة والحرية. ويعد الأمن الإنساني محور التنمية البشرية والرفاه الإنساني، فبدونه تتعثر التنمية والديمقراطية والمشاركة في صنع القرار


أيها الحفل الكريم


يأتي هذا المؤتمر بأعماله وأوراق بحوثه، ومشاركيه وعلى مدار ثلاثة أيام ليناقش ويحلل البحوث وأوراق العمل المقدمة فيه، محاولة جادة لفهم واقع الأمن الإنساني والحراك المجتمعي في المجتمع العربي، ورسم الصورة الواضحة حول هذا الواقع، بشكل علمي وعملي تتلاقح فيه المعرفة العلمية بالتجربة الواقعية في الجامــــعات والمؤسســـات العلمية ومنـظمات المــــــجتمع المدني ومؤسسات الأمن والعـــدالة، وقائم على أساس الدراســــة المعمـــــقة والحوار الهادف والتــحليل المنطقي، للتواصل إلى نتائج من شأنها أن تعكس تطلعات الإنسان في المجتمع العـــربي في هذا المجال، ، خاصة إذا علمنا أن المجتمع العربي كان الأقل استمتاعاً بالحـــرية على الصعيد العالمي، وتعاني فئاته الاجتماعية من نقص التمكين ونقص المعرفة ونقص الحرية التي هي أساس كل تطور.


السيّدات والسّادة:


وفي مجتمعنا وبلدنا الأردن بلد الوسطية والاعتدال والتــسامح، والأنموذج في المنـــــطقة، والذي أسس على مبادئ الحرية والوحدة والحياة الفضلى، والذي يعمل على تحصين الديمقراطية وحقوق الإنسان. والأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وعلى هدى رؤيته الملكية لدولة الحقّ والقانون يواصل بكل اعتزاز مسيرته الديمقراطيّة التي تعزّز مكانة الإنــسان الأردني في ظــــلّ دستور يحقّق المساواة للمواطنين في الحقوق والواجبات ويرفض التمييز، ويحظــــى فيه الإنسان باحترام بصرف النظر عن الجنس والدين واللون والفكر. ويــواصل الأردن مــــسيرة الإصــــلاح، وبخطى ثابتة وبرؤية استشراقية وحماية المؤسسات الدستورية وكرامة المواطن.

Image description

الاستاذ الدكتور ذياب البداينة

عدد المشاهدات لهذه المقالة 

Bookmark and Share