الطلاق الألكتروني

لابد من أخذ ظاهرة الطلاق الالكتروني ضمن فهمنا لخصائص المجتمع التخــــيلي، فالنـــاس يتفاعلون تخيليا من خلال النت والجوال والايميل، وكافة وسائط الاتصال الالكترونية الحديثة.. والتفاعل التخيلي قد طغى على التفاعل وجهاً لوجه خاصة أنه قد تطور الأخير وأصبــــح تفاعلا تفاعليا بالصوت والصورة. فالنت أصبحت سوق اقتصادية كبيرة، لم تتوقف خـــــــدماتها على الــمال والأعمال، ولكن تعدتها إلى القضايا الاجتماعية، فغرف الدردشة التي تتيـــتتح للناس التواصل مع الشخص والمجموعة التي يراها مناسبة، سواء كان ذلك بانكشاف الهوية (الـــهوية الحقيقة) أو خفاء الهوية، ففي المجتمعات التقليدية تتيح هذه الخاصية للمرأة التسوق الحر والتفــتتتـاعل الحر مع الآخرين. والخلاصة أن الطلاق الالكتروني الذي يتم بموجبه إرسال رسالة طلاق للـشخص الأخر وهو (المرأة) هو منتج طبيعية للتحولات الاجتماعية الناجمة عن تأثيرات التقنيات. وهو من هذا المنظور فهو تغير اجتماعي في أنماط القيم والسلوكيات الاجتماعية ويمثل أسلوب تأقلم اجتماعي يتماشى والبني الاجتماعية ذات الأساس التقني.

 

أما موضع الايجابيات والــــسلبيات لهذه الظاهرة، فمحكومة بالقبول الاجتماعي للتقنيات وما يرافقها من سلوكيات. التقنيات عادة فيها فوائد جمة تســهل حياة الناس وتواصلهم، ولكنها ليست بلا جانب مظلم، حيث تشكل هذه الظاهرة تنافراً مع القيـــــــم التقليدية، فالأسرة ليست صفقة تجارية يمكن شطبها وإغلاقها كمؤسسة برسالة قصيرة، وينــــبغي أن لا تنهى بهذه السهولة والسرعة، ولكن قد يكون من يقول انه استنفذ الوسائل المـــــادية والتخيلية في الإصلاح، فالإصلاح في المجتمع مستعصي وكذلك الإصلاح الأسري، وان استنفاذ الحلول وزيادة الضغوط قد توصل الى الطلاق الالكتروني


ولا بد من القول أن اللجوء إلى الطلاق الالكتروني قد يكون بسبب التباعد المكاني بين الإطراف المعنية، فمثلما نقبل أن نتزوج عن بعد ومن خلال مواقع الزواج الالكتروني ومن خلال قنوات التعارف علينا أن نقبل الطلاق الالكتروني، ناهيك أن الإقدام على الطلاق الالكتروني يتيح للرجل خاصة حرية اتخاذ القرار بعيدا عن ضغوط الأهل والصغار وبقية أفراد الأسرة، خاصة وان للطلاق مضامين وصم اجتــــماعي سلبية عن الأنثى وعند بقية أفراد الأسرة. وأخيرا يمكن أن ملاذاً آمناً بعيداً عن تأثيــــرات الزوجة إذا كانت من النوع الشرس، أو المهيمن وتمتع بقوة تفوق قوة الرجل في البيت.


وقد تكون للصعوبات في الوصول للمحاكم، والمواصلات والمراجعات الإدارية، وتجنب الوصم الاجتماعي الناجم عن الذهاب للمحكمة بقصد الطلاق أثر في الميل لاستخدام الطلاق الالكتروني. أن هذه الحالة تشبه حالة ما قبل شيوع الهاتف الثــــابت والـــنقال، فان احتجت احدهم لا بد من الوصل المادي لذلك الشخص، أما الآن فلم يعد هـــناك حاجة للتــــواصل الــــمادي إذا كان التواصل بالهاتف يحل الموضوع.

أما بخصوص الزيادة فنعم، هنــــاك زيادة في مـــــــعدلات الطلاق عامة والطلاق قبل الزفاف (الدخول) خاصة. وبالرغم من صعوبة الوصول إلى نسب محددة حول الطلاق المبكر بعد الدخول, أي خلال السنة الأولى من الزواج, إلاّ أنّ سجلات دائرة قاضي القضاة في الأردن للسنوات (2005-2010 ) أوردت النسب للطلاق قبل الدخول وبعده وذلك من إجمــــالي حالات الطلاق، ففي سنة (2005 ) بلغت نسبة الطلاق قبل الدخول (42,6 % ) , وبعده (39,4 % ), وفي سنة (2006) بلغت نسبة الطلاق قبل الدخول (44,3% ), وبعده (37,7 % ), وفي سنة (2007) بلغت نسبة الطلاق قبل الدخول (44,3% ) , وبعده (36,8% )، وفي سنة ( 2008) بلغت نسبة الطلاق قبل الدخول ( 79،1%)، وبـــــعده ( 16%)، وفي سنة (2009) بلغت نسبة الطلاق قبل الدخول ( 34،3%)، وبعده ( 40،7 %)، وفي سنة (2010) بلــغت نسبة الطلاق قبل الدخول ( 41،1%)، وبعده ( 37،7%). ومن المتوقع ان تزداد نسبة الطلاق الالكــــــتروني مع الزيادة السكانية، وزيادة معدلات الشباب القادر على استخدام التقنيات، ومع انتشار التقنيات عامة.


أما الأسباب فتعود في مجــــملها إلى الضغوط التي يعاني منها الشباب، وارتفاع معدلات البطالة والتي تتجاوز ال 50% بين الشباب في الوطن العربي، كما أن مبررات تكون الأسرة للحصول على الجنس في الإطار المقبول اجتماعي لم تشكل دافعاً قوياً عن الشباب بسبب توفر ذلك بطرق غير شرعية.

  

Image description

الاستاذ الدكتور ذياب البداينة

عدد المشاهدات لهذه المقالة 

Bookmark and Share