حول نظام إنذار اجتماعي مبكر: المضامين الأمنية 

تعتمد فلسفة إنشاء نظم الإنذار المبكر على حقيقة مفادها أن المعلومة أصبحت محوراً استراتيجياً لكل الفاعلين من المانحين وراسمي السياسات والاقتصاديين والاجتماعيين في القطاعين العام والخاص، لكي تُبنى السياسات على أساس واضح ومدروس، كما أنها باتت ُتعد ركيزة لاتخاذ قرارات صائبة وفاعلة لإنجاح وتقويم الاستراتيجيات، وتوفير الأساس الذي يتم بناءً عليه مــــتابعة وقياس وتقييم تلك الظاهرة، وتحديد الأولويات في تنفيذ البرامج والأنــــشطة، وكذلك رســـــم التوجهات المستقبلية على اعتبار أن المعلومة التي سيقدمها نظام الإنـــذار المبكر، ستكون وسيلة هامة لزيادة القدرات الفنية والمؤسسية وأداة إستراتيجية لوضع سياســــة دقيقة وهادفــــة. هذا وقد تعتـــمل هذه النـــــظم على المستوى 

الوطني أو الإقليمي أو الدولي

.

أمتد تطبيق نظم الإنذار المبكر إلى كافة جوانب الحياة الإنسانية، بما في ذلك وليس حصرا على:  الأمن والحروب، والاستخبارات، والوضع النووي، والأزمات، والإرهاب، والجريمة، والشـــرطة، والأمن، والصحة، والمرض، والوباء، والمجاعات، والفقر، والصراعات الجماعية والاثنية.  وتعد نظم الإنذار المبكر أدوات مفيدة في التنبؤ والتشخيص والاستجابة للازمات وتقييم التدخلات في اي ظاهرة او مشـــــكلة او قضية محط عمل للنظام


نظام الإنذار المبكر أداة تعطي علامات أو إشارات مسبقة لاحتمالية حدوث خلل ما قبل حدوثه، وتفاقمه، ويعتمد نظام الإنذار المبكر بشكل أساسي على قاعدة شــــاملة ودقـــــيقة من البيانات الخاصة بكافة النواحي التي يتم متابعتها، وتعريف لكافة الأزمات والمخاطر التي قد يتعرض لها، وآثار وتداعيات ذلك، وهو نظام يهدف إلى تزويد واضعي السياسات ومحلليها بأحدث المعلومات المتاحة عن كافة الجوانب الخاصة بالظواهر الاجتماعية قبل حدوثها.


 ففي الشرطة يمكن لنظام الإنذار الشرطي المبـــــكر على سبيل المثال يعمل على تحديد ليس فقط المهددات الأمنية وعوامل الخطورة، وأسباب الجريمة وســـــبل التصدي لها، والوقاية منها، وتقييم براج مكافحة الجريمة، وإنما تتعدى ذلك لضبط سلوك الشرطي ذاته، فهي تنذر مبكرا الضباط والأفراد أصحاب السلوك المُشكل بناءً على الشكاوي التي يتقدم بها المواطنون ضد سلوكيات الشرطة، مما يمكن جهاز الشرطة من تحديد الأفراد المشكل سلوكهم لديه، ويعيد تأهيلهم، ويجنبهم التسبب في مشاكل مع المواطنين قد تكلف جهاز الشرطة كثير من (العطوات الأمنية). أما في الجـــامعة فيعمل نظام انذار الطلبة المبكر، فقد يستخدم ذات النظام لتحديد السلوك الطائش لدى الطلبة، وتــــحديد الطلبة المستهدفين والضحايا، ووضع الخطط الإرشادية لمعالجة سلوكياتهم، وحماية الضحايا. أو وضــــــع نظام الإنذار المبكر للطلبة  لتحديد أوضاع الطلبة الأكاديمية (الأداء المنذر، المهدد بالفصل)، من حيث التزام الطلبة بالحضور والغياب، والمعدل التراكمي، والرسوب في المواد، والمواد المعادة، والوضــع العام للطالب. ويمكن لنظام الإنذار المبكر لشغب الملاعب، الإنذار بوقع حدوت مشكلات شغب ملاعـــب، وتحديد الفئات المشاغبة ووضع البرامج الكفيلة بمنعها ومحاسبة الفاعلين وتعويض الضحايا.


 وفي المجال الاجتماعي فيعمل نظام الإنذار المبكر  في مجالات اجتماعية متــنوعة (المجاعات، والفقر، والصحة، والبطالة....الخ)، واشتركت غالبيتها في نوعية مهامها وخاصة في رصـــــد حركة الظواهر مكان الاهتمام كالفقر، وتقييم برامج استئصاله ومكافحته، وتحديد الشرائح المهـــددة بالوقوع ضمن خطوطه ، وشرائحه، وجيوبه، وتحديد المنكشفون له، والمعرضون للوقوع به، وتنـــتتـفيذ الدراســــات في جوانبه المختلفة، وتحديد مؤشراته وقياسها، وعمل قاعدة معلومات وتنـــــظيم الندوات والمؤتمرات في مجال اهتمام المرصد، والتوصية لمتخذ القرار والمعنيين باتخاذ الإجراء المـــــــــاسب. ويهدف نظــــــام الإنذار الاجتماعي المبكر إلى الإعلام عن الحالات الاجتــــــماعية السلـــــبية بشكل مبكر، للطلب من الجهات التنفيذية (مثل إدارة حماية الأسرة في مديـــــرية الأمن العام، ووزارة التنـــــمية الاجتماعية، والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين، وصندوق المعونة الوطنية، وزارة الصـــــــحة ... الخ) الاستجابة في معالجة أسباب الفقر أو أسباب المشاكل، وهذا النظام يعتمد على مــــدى توفر المعلومات والبيانات ذات البعد الاجتماعي .


ويمكن ربط نظام الإنذار الاجتماعي المبكر بعوامل الخطورة الأمنية المنبثقة عن المشــكلات الاجتماعية الفقر والبطالة والحريات، والرأي العام، والعنف المجتمعي والتوصل إلى توجهات الرأي الــــعام والتوجهات المجتمعية الحقيقية بعيد عن ثقافة  البيانات والمهرجانات التي تساقطت في تونس ومصر. الإصـــــلاح الحقيقي يتطلب نظام إنذار مبكر للازمات ولتشخيص الواقع للوقاية من المخرجات المدمرة في المجتمع. أن التقارير الأمنية التقليدية تنبثق من مقولة (بلادنا الجميلة)، وتجميل كل شيء بعيدا عن الواقع، العالم يتغير، ونحن نضع رؤوسنا في الرمل. نحن بحاجة لنظم معلومات يستند إليها الإصلاح وتحارب الفساد بعيدا عن بيانات التزلف، التي تهدف للمحافظة على المكاسب


Image description

الاستاذ الدكتور ذياب البداينة

عدد المشاهدات لهذه المقالة 

Bookmark and Share